-->

ماهو علم النفس التربوي

ماهو علم النفس التربوي




مدخل إلى علم النفس التربوي

نعيش حاليا عصرا تتسارع فيه المعارف وتتجدد وتتنوع الابتكارات وتتغير بحيث أصبح من الضروري مراجعة من حين لآخر كل ما اكتسبناه ولو كان هذا المكتسب المعرفي لم يمض عليه وقتا طويلا، وذلك لنساير هذا التقدم الهائل في كل مجالات المعرفة. 


وإن كان هذا ينطبق على كل فرد مهما كانت درجة معرفته ومستواه العلمي فهذا يكون أهم إذا تعلق الأمر بميدان التربية والتعليم ويخص المعلم ذاته. ففي ظل هذا العصر ومعطياته المتعاظمة والمتجددة باستمرار كشف علم النفس التربوي عن ضعف بعض الطرائق التربوية وقصور مضامين المواد التعليمية القائمة حالياً عن بلوغ الأهداف المرجوة .. 


لذا وجد هذا العلم نفسه أمام ضرورة إعادة النظر في موقفه من الطفل والمدرسة والمعلم والمنهج الدراسي والعلاقات القائمة بينهم ومناهج التعليم وطرق التدريس وفلسفة التربية، فمراجعة المناهج والبحث في التعليم والتعلم والتكوين بصورة عامة من أسس بقاء المجتمع وتقدمه.


بات من الضروري النظر من حين لآخر في تكوين المعلم ومناهج التدريس والزمن واستغلاله والظروف العامة المحيطة بالتعلم والتعليم وقدرات المتعلم ووسائل التعليم وغيرها من الشروط العامة التي يجب توفرها من أجل آداء مهام التعليم في كل المستويات وفي مختلف المؤسسات.  


وتعد المعارف والمهارات التي يقدمها هذا العلم من الموضوعات الأكثر أهمية لمن يتناول عمله ميدان التربية والتعليم وذات أهمية قصوى في إعداد المعلم والمربي بصورة عامة. 


إن علم النفس التربوي يعد من فروع علم النفس ذو الدور الفعال لما له من الأهمية النظرية والتطبيقية في العملية التربوية في إحداث التغيرات المرجوة في مجالات التعلم والتعليم إذ يقدم المبادئ النفسية الأساسية للمربي بصورة عامة والمعلم بصورة خاصة، علم النفس التربوي يقدم المعلومات والمبادئ النفسية العامة التي تساعد على فهم سلوك المتعلم وتنمية شخصيته في كل جوانبها واستغلال طاقة الفرد ومختلف القدرات وتوجيه السلوك ومعرفة الذات.


 كذلك يمكننا أن ننظر إلى علم النفس التربوي على أنه الفرع الوسيط بين التربية وعلم النفس كونه يهتم بالجانب التربوي ويعتمد على القوانين والمفاهيم النفسية فهو بهذا مزج بين علم النفس والتربية. 


تعريف علم النفس التربوي:

لتوضيح مصطلح "علم النفس التربوي" تعددت التعريفات وذلك لتعدد الزوايا التي يُؤخذ منها هذا العلم ولتعدد كذلك تعريفات العبارات المكونة لهذا المصطلح: "علم"، "النفس"، "التربية". هذه العبارات التي تعددت معانيها بتعدد العصور والمدارس والفلسفات (ولا نريد في هذا المجال التعمق في هذه العبارات). 


لقد كان هناك جدل كبير حول ماهية هذا العلم، فإذا كان البعض يرى هذا العلم كمبدأ التطبيق في ميدان التربية والتعليم، أي في غرفة الدراسة، للمعارف والطرائق والأساليب النفسية والنظريات التي توصل إليها علم النفس، فإن البعض الآخر يرى أن علم النفس التربوي له ميدانه المتميز بنظرياته ومناهجه البحثية ومشكلاته وأساليبه الخاصة، وعلى هذا الأساس فمن بين اهتماماته الأساسية نجد:

- فهم عملية التعلم والتعليم

- تطوير طرائق لتحسين هذه العمليات.


وإذا أعطينا تعريفا له في إطار علم النفس نقول أنه الدراسة العلمية للسلوك الإنساني خلال مختلف العمليات التربوية.


ولقد عرف ديفيد أوزبول وروبرسون علم النفس التربوي، بأنه مجموعة العلاقات المشتقة تجريبيا أو منطقيا بين العوامل والمتغيرات في الموقف المدرسي والنواتج المرغوبة كما تقاس بمؤشرات السلوك العقلي.


ويعرفه ديبوا (Dubois) فيقول: علم النفس التربوي من العلوم النظرية التطبيقية التي تحاول فهم ما يجري في المدرسة وفي غرفة الصف، وفهم أسباب حدوثه. 


كما يُعرف » بأنه علم تجريبي يدرس سلوك المتعلم خلال ممارسته لعملية التعلم.«   


يعرفه ويترك (Wittrock) على أنه العلم الذي يدرس مشكلات التربية وحلها من خلال مفاهيم ومبادئ علم النفس المختلفة.


يعرفه كيج وبيرلينر (Gage &Berliner) على أنه دراسة التعلم والتعليم والمدرسة وما يرتبط بها من عمليات باستخدام مفاهيم ومبادئ علم النفس.


ويعرفه برونر (Bruner) على أنه الدراسة العلمية للسلوك الإنساني في المواقف التربوية، أي أنه العلم الذي يربط بين علم النفس والتربية.  


مجالات ومواضيع علم النفس التربوي:

المتمعن في الموضوعات التي يهتم بها هذا العلم يجدها متنوعة ومتناثرة، لكن في جوهرها تدور حول واقع المشكلات التي تواجه المعلم أثناء أداء مهمة التعليم والتدريس سواء تعلق الأمر بالمعلم نفسه أو المتعلم أو المادة المُعلمة وظروف التدريس، هي مواضيع تدور حول مختلف عناصر المنظومة. و يتحدث ديبوا عن مختلف موضوعات علم النفس التربوي الذي يعتبره فرعا من فروع علم النفس التطبيقي فيحصرها في العوامل والمتغيرات التي  تساعد على فهم السلوك وضبطه والتنبؤ به في إطار المواقف التعلمية والتي يحددها في الجوانب التالية:

  1. خصائص المتعلم النمائية: وهي دراسة مراحل النمو الإنساني في مظاهره المختلفة (المظهر النفسي- الحركي، الوجداني، وخاصة المعرفي) والعوامل المؤثرة فيه قصد توظيف هذه الخصائص النمائية في عملية التعليم والتعلم لتطوير القدرات الفردية (مع مراعاة الفروق الفردية). 
  2. عملية التعلم: ويتناول جميع جوانب السلوك الإنساني (السلوك الإدراكي، المعرفي، الإجتماعي، النفسي- الحركي...)، معرفة كيفية حدوث التعلم وقوانينه وشروطه والعوامل المؤثرة فيه.
  3. دافعية التعلم: وهي المحرك الأساسي لحدوث عملية التعلم، أي معرفة الظروف البيئية المناسبة والمساعدة على إحداث التغيرات الايجابية المرجوة في سلوك أي متعلم. 
  4. الفروق الفردية بين المتعلمين: نظرا لاختلاف العوامل المؤثرة في النمو (العوامل البيئية (الطبيعية والاجتماعية) والوراثية)، فإن الفروقات الفردية تعد شيئا طبيعيا، إذ نجد اختلافات جوهرية بين المتعلمين من حيث القدرات العقلية والانفعالية والنفسية- الحركية وغيرها. فعلم النفس يأخذ بعين الاعتبار هذه الفروقات الفردية في تصميم المادة المُتعلمة وطريقة عرضها من طرف المعلم.
  5. قياس و تقويم عملية التعلم: من أجل معرفة مدى تحقيق الأهداف ونجاعة الطريقة وملاءمة المادة للمتعلم، كان التقويم من أهم الموضوعات التي يهتم بها علم النفس التربوي.
  6. بيئة التعلم: فالظروف العامة التي يحدث فيها أي تعلم تعتبر كذلك أساسية: فالمحيط الفيزيائي والبشري أي غرفة الدراسة والعلاقات بين المتعلمين والمعلمين والإدارة المدرسية ومختلف عمليات الاتصال من المواضيع التي يهتم بها هذا العلم نظرا لتأثيرها على التعلم. 


هي مجالات مختلفة يهتم بها علم النفس التربوي، هذه المجالات يحددها سيفرت وكليفن (Seifert &Klevin) في أربع مجالات كما هو مبين في الجدول الموالي 


مجالات علم النفس التربوي و موضوعاته

المجال

الموضوعات

التطور و النمو

- المعرفي    – الأخلاقي   - الجسدي

- اللغوي الاجتماعي   - الانفعالي     -...

التعليم و التعلم

- التخطيط الصفي  –  إدارة الصف و ضبطه

- تعليم التفكير   – نظريات التعلم (السلوكية، المعرفية، الاجتماعية، التكاملية...)

الدافعية للتعلم

 - دور الدافعية في التعلم و وظائفها،

 - نظريات الدافعية (الإنسانية، الإجتماعية، المعرفية، التحليلية...)

التقويم

 - مختلف التقويمات(التقويم التشخيصي، البنائي، الانتقائي...)